"رسم الحركات والاستفال بصوتها "

 

كثيرا ما كنت أتلو صفحات من القرآن على معلمتي فتقول لي : أنت تفخمين الحروف..

كانت الحروف تتفلت مني وتذهب إلى الحلق بدل أن تخرج من الشفتين  لتتلاشى مع الهواء.. لقد أتعبتني الحروف أو بالأصح أتعبتني مخارج الحروف ، رغم أنه خلال أطوار دراستي الطويلة كانت لدي الكثير من حصص القراءة..  كنا خلالها نقرأ النصوص المقررة علينا.. وكانت قراءتي جيدة ، فقد كان أساتذتي كثيرا ما يطلبون مني القراءة  ويحبون أدائي .. لكنني مع دخول عالم التجويد والروايات اكتشفت أنني أنطق الحروف بطريقة خاطئة أقصد أن مخارج حروفي لم تكن مضبوطة.. وبما أنني مثابرة وأحب التعلم.. أخذت أتمرن وأتدرب على المخارج والصفات.. حمّلت الكثير من كتب أحكام التجويد والملفات واستمعت إلى الكثير من دروس الشيوخ وحاولت تطبيق ما تقوله المعلمة، لكن كل ذلك كان دون جدوى.. ! تعلمت كيفية منع ذهاب الصوت إلى الحلق لكن بقيت حروفي مفخمة.

فكرت كثيرا في مكمن الخلل وجربت مختلف الطرق والأساليب .. كنت أنظر في الصور التي وضعها معلّمو القرآن -جزاهم ربي خيرا- وأقرأ التعاريف وأطبقها.. رغم ذلك كانت الحروف عندي لا تعجب المعلمة.. اجتهدت كثيرا وبحثت .. حتى ألهمني ربي –جل في علاه- النظر في رسم الحركات الإعرابية .. لاحظت أن حركة الفتحة لم ترسم مستقيمة بل هي مائلة مثلها مثل الكسرة فقلت ما رسمت الفتحة بهذا الشكل إلا لأن نطقها يستدعي ذلك.. فالفتح في اللغة العربية كما يقول علماء التجويد ليس كالفتح في اللغات الأجنبية.. في البداية فكرت في إمالة الفتحات فلم ينجح الأمر، لأنه يوجد في عالم التجويد والقراءات روايات بها إمالة صغرى (تقليل) وروايات أخرى بها إمالة كبرى..

 

إذن لمَ رسمت الحركات كذلك؟

 

مع الصبر والمثابرة والتدريب اكتشفت أن الحركات رسمت مائلة للدّلالة على وجوب الاستفال بصوتها عند النطق بها.. وعندما أقول الحركات أقصد جميعها سواء كانت فتحة أو ضمة أو كسرة وحتى السكون.  

لنلاحظ..

 الفتحة ـــَ مستفلة فهي مرسومة من فوق إلى أسفل يعني استفل بصوت الفتحة وأنت تنطق بها.

وأيضا الضمة ـــُ مستفلة فهي مرسومة دائرة والتي تمثل استدارة الشفتين ثم نزول إلى أسفل يعني استفل بصوت الضمة وأنت تنطق بها.

والكسرة ـــِ أصلا الكسرة مستفلة ورغم ذلك فهي مرسومة من فوق إلى أسفل يعني استفل بصوت نطقها.

والسكون ـــْ أتحدث عن السكون المرسوم في المصاحف مستفل أيضا يعني وأنت تنطق بالسكون استفل بصوته.

أظن أن ما اصطلحوا على تسميته بإتمام الحركات هو الاستفال بصوت النطق بالحركات ، والله أعلم.